ads1
علوم الأرض

ما سبب ملوحة المحيطات؟

ads2

تحتوي مياه المحيطات على العديد من الأملاح المعدنية، مثل: صوديوم، كلوريد، كبريتات، مغنيزيوم، بوتاسيوم، بيكربونات، بروميد.

تدخل هذه الأملاح إلى المحيط من خلال الأنهُر التي تصّب فيه، والتي تكون قد التقطت الأملاح من الصخور والأتربة التي مرّت عنها خلال رحلتها.

تتراكم هذه الأملاح بدورها في المحيطات، حيث المياه لا تستطيع مغادرتها إلّا بواسطة عملية التبخّر التي تأخذ معها المياه دون الأملاح، مما يقلل من كمّيّة المياه مقابل كمية الأملاح الثابتة، وهذا ما يفسّر سبب ملوحة المحيطات.

الأمر ذاته يمكن أن يحدث لمسطّح مائي صغير ومغلق، أي غير ساحلي، مثل البحيرة المالحة الكبرى في ولاية يوتا الأمريكية، إذا تتبخّر المياه سريعًا في المناخ الصحراوي، ما تسبّبَ في انخفاض منسوب البحيرة 20 قدمًا منذ عام 1849، ويعتبر العوم على سطح البحيرة من الهوايات المفضلة لدى الزوار بسبب الكثافة العالية التي توفّرها الملوحة.

تتفاوت نِسب ملوحة المحيطات بشكل كبير من مكان إلى آخر، ويعدّ البحر المتوسّط على سبيل المثال أشدّ ملوحة من المحيطات الواقعة قبالة سواحل القارّات التي تجري فيها أنهار كبيرة ذات مياه عذبة، مثل الأمازون، حيث تكون ملوحة المحيط الأطلسي بالقرب من مصبّ نهر الأمازون أقلّ نسبيًّا، نظرًا لاختلاط مياه النهر العذبة مع مياه المحيط المالحة.

ونلخص ما يلي :

سبب ملوحة البحر

تُعتبر الملوحة مصطلحاً عاماً يُستخدم لوصف مستوى الأملاح المختلفة الذائبة في الماء، مثل: كلوريد الصوديوم، وكبريتات المغنيسيوم، وكبريتات الكالسيوم، والبيكربونات،[١] وتُعتبر كمية الأملاح الذائبة في مياه البحار والمحيطات كبيرةً، فلو تمّ توزيع هذه الأملاح على اليابسة لشكّلت طبقةً تزيد سماكتها عن 152 متراً تقريباً، أيّ ما يُعادل ارتفاع مبنى مكوّن من 40 طابقاً، وفيما يأتي أسباب وأحداث أدّت إلى جعل البحر مالحاً:

نشأة البحار والمحيطات قديماً

تعود نشأة البحار والمحيطات إلى ملايين السنين، وقد ساهم ذلك في تراكم الأملاح فيها، حيث إنّ جزءاً كبيراً من هذه الأملاح وُجد بسبب النشاطات البركانية، فعند ثوران البراكين تتحرّر أبخرة وغازات مثل غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يذوب في مياه الأمطار ويُحوّلها إلى مياه حمضية، وعند هطول الأمطار على الصخور فإنّها تُحرّر الأيونات الذائبة منها والتي تصل إلى البحار والمحيطات عبر مصبات الأنهار، كما تحمل الأنهار والمجاري السطحية لمياه الأمطار مزيداً من الأيونات والأملاح الذائبة من الصخور المتآكلة التي تمرّ بها أثناء جريانها باتجاه البحار، وتُشكّل أيونات الكلوريد والصوديوم 90% من هذه الأملاح الموجودة في مياه البحر.

التبخّر

ساهم التبخّر المستمر للمياه في زيادة نسبة الأملاح في البحار والمحيطات، فعندما تتبخّر المياه تبقى الأملاح في البحار والمحيطات، كما أنّ الماء المتبخّر يعود إلى الأرض على شكل أمطار تُغذّي الأنهار وتُشكّل مياه جاريةً سطحيةً تحمل معها مزيداً من الأملاح والمعادن الذائبة.

فوّهات المياه الحارة والبراكين الغائصة

تمّ اكتشاف فوهات للمياه الحارّة في أعماق المحيطات تُسمّى (بالإنجليزية: Hydrothermal vents)، حيث تتسرّب مياه البحر من خلال تشققات في صخور القشرة المحيطية إلى مناطق ساخنة، فتسخن المياه وتُذيب بعض المعادن الموجودة في باطن الأرض، لتخرج من جديد إلى مياه المحيط عبر الفوهات مُحمّلةً بالأملاح والمعادن الذائبة، كما تحتك هذه المياه الساخنة مع المعادن الموجودة في صخور القشرة المحيطية وتتفاعل معها، وذلك بالإضافة إلى البراكين الغائصة التي تحدث في قاع البحار والمحيطات والتي تُزوّد المياه بالأملاح الذائبة من خلال تفاعل مياه المحيط مع الحمم البركانية الغنيّة بالمعادن والتي تخرج من شقوق موجودة في قاع المحيط إلى المياه مباشرةً.

Advertisements

التغيّرات المناخية

تسبّبت التغيّرات المناخية الناتجة عن الأنشطة البشرية في زيادة تدريجية بسيطة في مستويات الملوحة في بعض المناطق، فقد أدّى الاحتباس الحراري إلى حدوث تغيّرات في أنماط هطول الأمطار، حيث تُشير الدراسات إلى أنّ ارتفاع درجات الحرارة الناتج عن الاحتباس الحراري يزيد من التبخّر في المناطق شبه الاستوائية ومناطق شمال الأطلسي ممّا يؤدّي إلى زيادة تركيز الأملاح فيها، وبعد ذلك تنتقل جزيئات الهواء الرطبة عن طريق الرياح إلى مناطق أخرى مثل القطبين والمحيط الهادئ لتهطل الأمطار فيها ممّا يؤدّي إلى تقليل تركيز الأملاح فيها.

أهمية ملوحة البحار

أهمية ملوحة البحار للبيئة

تُعتبر ملوحة مياه البحار مهمّةً للبيئة وذلك لعدّة أسباب، وهي كالآتي:

  • تنظيم المناخ: تُعتبر ملوحة مياه البحر ودرجة حرارتها عوامل تؤثّر بشكل مباشر على كثافة المياه، فالماء المالح أكثر كثافةً من الماء العذب، ولخاصية الكثافة دور مهمّ في حدوث التيارات البحرية بين محيطات المناطق الاستوائية والقطبين، حيث تتحكّم هذه التيارات في انتقال الحرارة وبالتالي تنظيم مناخ العالم.
  • ارتباط الملوحة بدورة المياه: ترتبط الملوحة السطحية لمياه البحر بدورة المياه الكلية على الأرض، وتتحكّم بكمية المياه العذبة التي تدخل المحيطات من خلال الأمطار والمياه التي تُغادرها عن طريق التبخّر.
  • ثبات درجة حموضة الماء: يوفّر المحتوى الملحي لمياه البحار قدرةً عاليةً على مقاومة التغيير في درجة الحموضة (pH) عند إضافة مركب حمضي أو قاعدي، فلو قمنا بإضافة 1 ميكرومول من حمض الهيدروكلوريك إلى 1 كجم من المياه المُقطّرة، ينخفض الرقم الهيدروجيني لها من 7.0 إلى 6.0، أمّا مياه البحر ينخفض الرقم الهيدروجيني لها من 7.0 إلى 6.997 أيّ بفارق 0.003 وحدة فقط، وذلك لأنّ قدرة الحجز (بالإنجليزية: Buffering Capacity) في مياه البحر أكثر بمقدار 330 ضعفاً من قدرة المياه العذبة على ذلك.

أهمية ملوحة البحار للكائنات البحرية

تختلف مستويات الملوحة في بحار ومحيطات العالم، وقد تختلف من منطقة إلى أخرى في البحر نفسه، مثل مناطق مصبات الأنهار التي تقل عندها مستويات الملوحة نتيجة التقاء مياه الأنهار مع مياه البحر، حيث يلعب هذا الاختلاف دوراً مهماً في التنوّع الحيويّ وتوزّع الكائنات البحرية، فللكائنات البحرية القدرة على التكيّف للحفاظ على ثبات مستويات الأملاح في أجسامها لمنع حدوث اختلال في وظائفها الحيوية.

توصف بعض الكائنات البحرية بأنّها ضيقة المدى الملحي (بالإنجليزية: Stenohaline)، أيّ أنّها لا تستطيع التكيّف مع التقلّبات الكبيرة في مستويات الملوحة؛ لذلك فهي تعيش في البحار، والبعض الآخر من الكائنات البحرية يوصف بأنّه متحمّل الملوحة (بالإنجليزية: Euryhaline)؛ وهي الكائنات البحرية التي تمتلك القدرة على التكيّف مع تقلّبات مستويات الملوحة؛ لذا فهي تتواجد غالباً عند مصبات الأنهار، أمّا التغيّرات الكبيرة في مستويات الملوحة والتي قد تخرج عن الحدود المناسبة لحياة الكائنات البحرية فيُمكن أن تُغيّر من سلوك هذه الكائنات أو تحد من تكاثرها.

أهمية ملوحة البحار للإنسان

تُعتبر مياه البحار مصدراً وفيراً لملح كلوريد الصوديوم الذي يستخرجه الإنسان بعدّة طرق للحصول على ملح الطعام الذي يلعب دوراً مهمّاً في الحفاظ على صحة الإنسان، حيث يُعتبر المصدر الرئيسي لأيونات الصوديوم والكلوريد في النظام الغذائي البشري، فالصوديوم ضروري للوظائف العصبية والعضلية، كما أنّه يُساهم في عملية تنظيم السوائل في الجسم، ويُسيطر على ضغط الدم، أمّا أيونات الكلوريد فتُساهم في تنظيم درجة حموضة الدم وضغطه، كما أنّها مكوّن أساسي لحمض المعدة.

يجدر بالذكر أنّ الإنسان يفقد أيونات الصوديوم والكلوريد من خلال إفراز العرق، ويُعوّضها من خلال النظام الغذائي، فهو يستهلك الأطعمة التي تحتوي على الملح بشكل طبيعي، مثل: اللحوم والمأكولات البحرية، كما أنّه يستخدم الملح لإضافة نكهة للأطعمة.

المسطحات المائية الأكثر ملوحة

يوضح الجدول الآتي أكثر عشرة مسطحات مائية ملوحةً على سطح الأرض، وهي كالآتي:

يُمكن التعرّف على مزيد من المعلومات المرتبطة بملوحة بعض المسطحات المائية، وهي كالآتي:

  • بحيرة دون خوان: تحتلّ المرتبة الأولى كأكثر المسطحات المائية ملوحةً، حيث تصل نسبة ملوحتها إلى 44%، وبهذه النسبة تكون أكثر ملوحةً من مياه المحيطات باثنتي عشر مرّة، ولأنّ درجة تجمّد المياه تنخفض بزيادة الملوحة تبقى مياه هذه البحيرة في الحالة السائلة حتّى درجة حرارة -50 درجة مئوية، إلّا أنّ الجليد الذائب فيها يُساهم في التقليل من ملوحتها.
  • بحيرة فاندا: تُعدّ بحيرة فاندا أكثر ملوحةً من مياه البحار بعشر مرّات، وتمتاز هذه البحيرة بظاهرة جيولوجية تُسمّى (بالإنجليزية: meromictic) حيث لا تختلط فيها المياه السطحية بالمياه العميقة، وهي بحيرة خالية من الأسماك لكن تتواجد فيها بعض الكائنات الدقيقة مثل الطحالب.
  • البحر الميت: يُعرف البحر الميت بأنّه أخفض بقعة على الأرض، حيث ينخفض حوالي 430.5 متراً عن مستوى سطح البحر، وقد سُمّي بهذا الاسم لعدم وجود كائنات بحرية تعيش فيه بسبب ملوحته العالية، إلّا أنّ هناك بعض الأنواع من البكتيريا تتواجد فيه، وبسبب التركيز العالي للأملاح في مياه البحر الميت فإنّ الأجسام تطفو على سطحه.
  • البحيرة المالحة الكبرى: يعود سبب الملوحة العالية في البحيرة المالحة الكبرى إلى أنّ المياه التي تتدفّق إليها لا تخرج منها إلى أيّ منفذ آخر، وبسبب هذا المستوى المرتفع للأملاح فهي بيئة غير صالحة لحياة العديد من الكائنات الحية المائية مثل الأسماك، لكنّها تُعدّ بيئةً مناسبةً لحياة بعض الكائنات التي تستطيع التكيّف مع هذه الملوحة مثل بعض أنواع الطحالب وأنواع معينة من القريدس والذباب.
  • بحيرة مونو: تقع بحيرة مونو في الحوض العظيم (بالإنجليزية: The Great Basin) في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وتُحيط بها الجبال من كلّ الجهات ممّا يجعلها حوضاً مائيّاً مغلقاً تتدفّق إليه تيّارات المياه العذبة ومياه الينابيع المُحمّلة بكميات ضئيلة من الأملاح التي تراكمت عبر الزمن، لكن المياه لا تخرج منها إلّا عن طريق التبخّر، حيث يتبخّر ما يُقارب عمق أربعة أقدام من مياهها سنوياً، لذا تُعدّ مياه البحيرة أكثر ملوحةً من مياه المحيطات بمرّتين إلى ثلاث مرّات اعتماداً على تقلّب منسوب المياه عبر السنين.

سبب زيادة الملوحة في البحار عن الأنهار

تفيض مياه الأنهار وتغمر الصخور وتُذيب الأملاح، فتتدفّق هذه المياه حاملةً معها الأملاح إلى البحار، وتحدث هذه العملية منذ ملايين السنين حيث تتراكم هذه الأملاح في البحار والمحيطات، أمّا الأنهار فهي دائمة الجريان فلا يتمّ تخزين الأملاح فيها، لذلك فإنّ كمية الأملاح التي تحملها الأنهار ضئيلة جداً مقارنةً بكمية الأملاح المتراكمة في مياه البحار.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: